جهود خارجية لإنقاذ لبنان: الحلول موجودة ولكن!
مارديني لـ"أحوال": مجلس النقد هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة اللبنانية الراهنة
الوضع في لبنان يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، في غياب أي مسعى جديّ لإيجاد حلول مناسبة تنقذ البلد من أزماته المتعددة التي تعصف بكافة جوانبه، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا…
وبينما ينشغل المعنيون بتبادل الاتهامات وتقاذف المسؤوليات بعيدًا عن اتخاذ إجراءات جدية لحلّ الأزمة الراهنة، وخصوصًا الاقتصادية منها، أنشأ معهد “جونز هوبكنز” للاقتصاد التطبيقي والصحة العالمية ودراسة المشاريع التجارية، فريق عمل مخصّص للشأن اللبناني، يهدف إلى دراسة الأزمة الاقتصادية وإيجاد حلول لها، على غرار ما فعله في كل من فنزويلا، الأرجنتين، هونكونغ، بلغاريا، إستونيا، ليتوانيا، البوسنة والهرسك وغيرها من البلدان التي كانت تعاني من تضخّم مفرط وانهيار في سعر الصرف.
نخبة من أهم الاقتصاديين
فريق العمل هذا يضمّ نخبة من أهم الاقتصاديين وأكثرهم نفوذاً حول العالم، أبرزهم المؤسس والمدير المشارك وأستاذ الاقتصاد التطبيقي في المعهد، البروفيسور “ستيف هانكي”، والمعروف عالميّاً بـ”طبيب العملات ومهندس مجالس النقد”، وذلك بفعل إشرافه على تأسيس معظم مجالس النقد في العقود الأربعة الأخيرة، وكذلك المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، حاكم المصرف المركزي الفرنسي السابق والرئيس السابق للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، “جاك ديلاروزيي”، والذي ما زال يتمتع بعلاقة وطيدة مع الإدارة الفرنسية وكبار مسؤولي صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى مصمّم مجلس النقد في “هونج كونج” وكبير الاقتصاديين في شركة “إنفيسكو” بلندن، والأستاذ في معهد جونز هوبكنز للاقتصاد التطبيقي، د. “جون غرينوود”، وكانت أولى إصدارات الفريق، مقالاً بعنوان “يمكن للبنان الاستفادة من مجلس النقد”، نُشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
مارديني: لبنان محظوظ بهؤلاء
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق، باتريك مارديني، أوضح في حديث لـ”أحوال” أن دور الفريق هو العمل على خطة “موضوعية”، بعيدًا عن الحسابات والاصطفافات والمحاصصات السياسية، لإخراج لبنان من أزمته، بالإضافة إلى التواصل مع “اللاعبين الدوليين” من منظمات ودول مهتمة بالشأن اللبناني، أبرزها صندوق النقد الدولي، لإطلاعهم على الاصلاحات الحقيقية وكيفية تنفيذها.
أما حول أعضاء فريق العمل، فاعتبر مارديني أن لبنان محظوظ كون شخصيات اقتصادية من الطراز الرفيع تعمل على معالجة أزمته، خصوصًا أن هؤلاء لديهم باع طويل في هذا المجال بعد أن نجحوا في مساعدة العديد من الدول للخروج من أزماتها المالية والاقتصادية، “لذا وبسبب خبرتهم ومصداقيتهم وعلاقاتهم الوطيدة مع إدارات الدول الخارجية والجهات المانحة، بات لهذه الأخيرة خبيرًا ومحاورًا جديًا قادرًا على إطلاعها على ملف لبنان بكافة تفاصيله وبشفافية”، وفق مارديني.
مجلس النقد
وبالنسبة لـ”مجلس النقد”، أوضح لموقعنا أن هذا المجلس هو عبارة عن قانون أو نظام يفصل سعر صرف العملة المحلية عن الاضطرابات الداخلية ويربطها بعملة الاحتياطي، فتصبح مستقلة عن المشاكل الداخلية في البلد، لافتًا إلى أنه يُتبع في الدول التي تعاني من تزامن عدد كبير من الأزمات وعدم استقرار سياسي وأمني ومالي ومصرفي وغير ذلك.
من هنا، شدّد رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق على أن وضع لبنان الحالي يحتاج إلى مجلس نقد ينهي الانهيار الحاصل وتحديدًا على الصعيد المالي والمصرفي والاقتصادي، “وهذا الحل الوحيد والأكثر فعالية لإنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار النقدي للبلد كونه يفصل العملة الوطنية عن التجاذبات السياسية الداخلية”، بحسب قوله.
ما الذي يمنع إنشاء مجلس نقد في لبنان؟
وفي سياق متصل، أكد مارديني لـ”أحوال” أنه يمكن إنشاء مجلس نقد في لبنان وتنفيذ الإصلاحات حتى قبل تشكيل حكومة جديدة، “لأن هذا المجلس هو قانون، وهذا القانون يمكن أن يصدر عن الحكومة أو مجلس النواب، ما يعني أن الأخير قادر على اتخاذ المبادرة والتشريع لإنقاذ البلد من أزمته”، مشيرًا بالمقابل أن ما يمنع إنشاء مجلس نقد في لبنان هو في الدرجة الأولى التجاذبات السياسية وتغلّب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، إلى جانب الفراغ الحكومي، بالإضافة إلى الخبرة العملية الضئيلة لدى عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين اللبنانيين في معالجة أزمة التضخم المفرط وتدهور سعر الصرف، وعدم فهمهم لوظيفة مجلس النقد ومهامه الأساسية، ما قد يزيد من الانقسام بين المؤيدين والمعارضين لإنشاء هذا المجلس، وهو الأمر الحاصل في بعض الأحزاب والتيارات السياسية، والذي بالتالي يمنع أي تقدّم على هذا الصعيد.
ياسمين بوذياب